"التنظيمات البيروقراطية"
تقديم:
      الظروف التي جاءت بها النظرية البيروقراطية بعالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر (Max Weber) الذي كان أستاذاً في الجامعات الألمانية، وكانت دراساته في الأساس دراسات تاريخية اجتماعية، وكان شأنه شأن ابن خلدون، مؤسس علم الاجتماع وعالم الاجتماع العربي معنياً لمحاولة التعرف على نمط تطور المجتمعات البشرية وتفسير آلية التطور تلك. فقد صاغ فيبر نظرية عامة لتطور المجتمعات، قسم فيها المراحل التي تمر فيها المجتمعات إلى ثلاث مراحل، وفقاً للأساس الذي يستمد منه أصحاب السلطة سلطتهم، وشرعية وجودهم كفئات حاكمة، على المستويين السياسي والإداري. إذ بين أن أي مجتمع يمر بثلاث مراحل وعلى النحو التالي:
مراحل تطور المجتمع:
·       مرحلة السلطة التقليدية Traditional Authority
·       مرحلة السلطة الكاريزماتية  Charismatic Authority
·       مرحلة السلطة القانونية  Legal Authority
مرحلة السلطة التقليدية:
يرى فيبر (Weber) أن المرحلة الأولى في تطور المجتمعات هي المرحلة التي يصل فيها الناس للسلطة وتقلد الوظائف الرسمية في المجتمع ليس بسبب كفاءتهم وقدراتهم وإنما لأسباب تقليدية تتصل بالوراثة والنفوذ والتقاليد. وفي مثل هذه الظروف يكون مستوى الإدارة بدائياً، حيث لا يكون العمل الإداري قائماً على أساس التخصص والتأهيل، بل يسير وفق منهجية المحاولة والخطأ، للاعتقاد بأن الإدارة عمل عادي لا يحتاج إلى تأهيل ولا إلى تدريب. ويكون هناك في مثل تلك المجتمعات خلط بين الوظيفة العامة والملكية الشخصية لشاغل الوظيفة. ولاشك أن هذا وصف ينطبق على المجتمعات في الدول النامية التي تستمد اسمها من كونها لا تزال في مرحلة أولى من التطور الإداري.
مرحلة السلطة الكاريزماتية:
تنطبق هذه المرحلة على الوضع الذي تكون فيه السلطة بيد أشخاص ليس لأسباب تقليدية، وإنما لكونهم يتمتعون بشخصيات قيادية (Charismatic) قادرة على التأثير في المجتمع، فهم فئة من القادة يستطيعون حشد التأييد للأعمال والبرامج التي يضعونها لقدراتهم الذاتية. إن المشكلة في هذا النوع من المجتمعات أنه وبمجرد غياب الشخصيات القيادية عن الساحة، تعود الأمور للوراء بشكل سريع، لأنه لم يتم تأهيل قيادات بديلة، وليس هناك مؤسسية بل تعتمد الأمور على الأفراد، حيث تتأثر الدولة والمؤسسات ا لتي يديرها مثل هؤلاء الأشخاص بغيابهم أو موتهم. فرغم كون هذه المرحلة أفضل من سابقتها من ناحية الأداء الإداري، إلا أنها ليست مرحل متقدمة ويمكن أن تكون انتكاسة وعودة للوراء.
مرحلة السلطة القانونية:
لا تكون السلطة والوظائف في هذه المرحلة بيد قادة تقليدين ولا بيد قادة ذو شخصيات كاريزماتية بل بيد من يحدد القانون الشروط الواجب توافرها فيهم بشكل مختلف الوظائف، وهم الأشخاص المؤهلون الذين تتوافر فيهم مقومات التخصص والتأهيل والجدارة، وليس ممن يستمدون سلطاتهم من مبررات تقليدية، ولا ممن تتوافر فيهم الصفات الكاريزماتية بالضرورة ويمكن وصف هذه المرحلة بنظام الجدارة والاستحقاق (Merit System) وهو ما سننتقل إلى التعرف على خصائصه في المبحث الثاني.
رابعاً:- النظرية البيروقراطية ومقوماتها:
يعتبر مفهوم البيروقراطية من المفاهيم المتداولة، ولكنها تعني في كثير من الأحيان أشياء مختلفة عن المعنى العلمي لها. فالمعنى اللغوي لهذا المفهوم وهو حكم المكتب (Bureauctacy) على اعتبار أن كلمة (Cracy) تعني حكم، وكلمة (Bureau) تعني مكتب. إذ يرتبط هذا المفهوم بالأجهزة الحكومية وبالماكتب وما يرافقها من رموز سلطة وهيبة. أما المعنى الشعبي الساد للبيروقراطية فيشير إلى إساءة استعمال السلطة، والتمسك بحرفية الإجراءات والمماطلة في إنجاز الأعمال وكل ما يتصل بما هو سيء، في ممارسات الأجهزة الحكومية (Bureau Pathologies) فلا يكاد الإنسان يسمع هذه الكلمة في الأوساط الشعبية إلا ويستاء من مدلولات. وفي حقيقة الأمر فإنه لا علاقة لهذين المعنيين (اللغوي والشعبي) بالمفهوم العلمي الذي نحن بصدده الىن. فالبيروقراطية بالمعنى العلمي تعني عكس ما تقدم وصفه تماماً. فهي مواصفات للجهاز الإداري الممتاز والمثالي، والذي كلما كان قريباً من هذا النمط الافتراضي المثالي (Hypothetical Ideal Type) كان أداؤه ممتازاً والعكس صيح. فالنمط البيروقراطي كما تصوره ماكس فيبر (max Weber) نمط تنظيمي عقلاني يهدف الوصول إلى أعلى درجة ممكنة من الكفاءة. ومن المهم هنا التأكيد بأن فيبر (Weber) قدم نموذجاً مثالياً (Ideal Type) تجريدياً ولم يقدم نموذجاً إدارياً واقعياً يصف أجهزة إدارية بعينها. بل وضع مقياس لما يجب أن تكون عليه التنظيمات الإدارية والتي قد تقترب منه أو تبتعد عنه درجات . إن من أهم خصاص النموذج البيروقراطي كما حددها فيبر ما يلي:
·       تقسيم العمل والتخصصات:Division of Labor and Specialization
تتميز التنظيمات البيروقراطية بتقسيم الأعمال في التنظيم إلى عدة خطوات يتم اختيار من يشغلونها حسب درجة تخصصهم في الأعمال المطلوب القيام بها.
·       التسلسل الرئاسي Hierarchy:
ويعني ذلك وجود عدة مستويات إدارية متفاوتة، يتبع كل منها المستوى الذي يعلوه مما يجعل التنظيم الإداري على شكل هرم (Pyramid) تتسع قاعدته وتضيق مستوياته كلما اتجهنا إلى الأعلى.
·       الرسمية وتقنين الإجراءات Formalization and Standardization
يعني ذلك وجود نمط من العلاقات الرسمية في العمل، بحيث يتعامل الموظف مع المراجعين له في العمل بصفته الرسمية وليس بصفته الشخصية. إن من شأن ذلك أن لا يكون هناك تمييزاً في المعاملة بين من تقدم لهم الخدمات حسب أي اعتبار. ولذلك فإن من صفات النظام البيروقراطي توحيد وتقنين الإجراءات، بحيث يتم رجوع الموظفين إليها كأساس لاتخاذ القرارات مما يضمن سرعة الإنجاز، وتماثل القرارات التي تتخذ بشأن الحالات المتماثلة.
·       اللاشخصية في اتخاذ القرارات Impersonality :
تعني اللاشخصية أن تستند القرارات التي يتخذها البيروقراطيون إلى أسس موضوعية وليس لأسس شخصية مما يضمن العدالة وعدم المزاجية في التعرف والتعامل مع المستفيدين من خدماتها.
·       التعيين والترقية على أساس الجدارة:
         Employment and Promotion Decisions Based on Merit
يقتضي هذا المبدأ أن تحتكم قرارات تعيين وترقية الموظفين إلى اعتبارات الكفاءة والتأهيل وليس للاعتبارات غير الموضوعية مما يكفل الأداء الممتاز.
·       اعتبار الإدارة مهنة دائمة Career Tracks for Employees
ينظر للإدارة باعتبارها مهنة تحتاج للتأهيل والتدريب المستمر وليس هواية. ومن شأن ذلك تحسين مهارات العاملين مما يضمن الأداء الجيد الذي يحقق الأهداف التنظيمية المطلوبة بالنوعية الجيدة وبأقل التكاليف.
·       الفصل بين الحياة الشخصية للموظف والحياة الوظيفية:
Distinct Separation of Member's Organizational and Personal Lives
يؤكد النظام البيروقراطي على ضرورة عدم الخلط بين الوظيفة كدور رسمي يقوم به الموظف وفق القوانين والتعليمات، وبين الممتلكات الشخصية للموظف الذي له الحرية في استعمالها.
أهمية النظرية البيروقراطية:
تكمن أهمية النظرية البيروقراطية في تركيزها على أهمية التقنين للإجراءات وخطوات العمل. حيث يتم تقنين السلوك وآليات العمل، وأسس تعويض العاملين، مقابل التفرغ للقيام بالمهام الموكلة إليهم، وكذلك بأصول التعامل مع الجمهور. فالمسئوليات والسلطات مقننة بشكل دقيق، وأمور التعيين والترقية محكومة بمعايير واضحة، تتمثل بالأقدمية وحسن الأداء مما يخلق التزاماً وولاء تنظيمياً. إن من شأن التقنين ضمان سهولة ا لتنبؤ بسلوك العاملين في التنظيم والمتعاملين معه.
النتائج السلبية المحتملة في ظل النظام البيروقراطي:
يشير البعض إلى أن مزايا النظام البيروقراطي قد لا تتحقق بسبب إمكانية إساءة استخدام السلطة، والخروج عن الأهداف المحددة، وأن تصبح البيروقراطية مشكلة، بدل أن تكون طريقاً لحل المشاكل. ومن المخاطر التي يشار إليها ما يلي:
إمكانية تغيير أوت بديل الأهداف:
يشير روبرت ميرتون (Robert Merton) إلى أن من المخاطر المحتملة للنموذج البيروقراطي هي تمسك الموظفين بالتعليمات بشكل حرفي، دون إدراك الهدف من ورائها، بحيث تصبح هدفاً بحد ذاتها، بدل أن تكون وسيلة. فقد ينتج عن عدم المرونة في التطبيق إلى تحويل الإجراءات إلى أهداف. وكذلك بين فيليب سلزنيك (Philip Selznick) المخاوف بأن يؤدي تركيز الوحدات الإدارية على أهدافها الخاصة إلى ضياع النظرة الشمولية والتأثير سلبياً على الأهداف العامة. كما أن تقنين الحدود الدنيا للسلوك المقبول يمكن أن يجعل منها حدوداً عليا للإنتاج، وهو أمر لم يقصد واضعو الحدود الدنيا المقبولة للأداء، على اعتبار أن ما يتم عمله هو ما تنص عليه التعليمات واظف جراءات وأنها السبب في القصور.
التطبيق غير المناسب للقواعد والإجراءات:
يهدف وضع القواعد والإجراءات إلى معالجة التصرف بشأن الأمور الروتينية المتكررة وذلك بهدف توفير الوقت. ولكن الأمور تتغير في الفترة ما بين فترات إقرار وتطبيق الإجراءات، مما يوجب وضع إجراءات جديدة، وبدلاً من أن يطلب الموظف تعديل الإجراءات التي تصبح غير مناسبة مع الظروف المستجدة يستمر في تطبيقها مما يضر بأهداف التنظيم.
الشعور بالاغتراب:
رغم أهمية التخصص الدقيق واللارسمية فإن هناك مخاوف من أن تخلق المبالغة في تطبيقها شعوراً بالاغتراب  عند العاملين، وخاصة إذا كانت الوظائف روتينية جداً ولا تعطي للموظف شعوراً بقيمة ما يعمل، وذلك لأنه قد يشعر أنه من السهل الاستغناء عنه.
الميل لتركيز السلطة:
يرى البعض أن التسلسل الرئاسي والمركزية كمظهر من مظاهر البيروقراطية قد يؤديان إلى إساءة استعمال السلطة، إضافة إلى أن الاتجاه نحو البيروقراطية مخالف للاتجاه السائد نحو مزيد من الديمقراطية واللامركزية.
السلبية في تعامل الموظفين مع الجمهور:
إن التأكيد على حقوق الموظف وتعويضاته وتحصينه ضد الإجراءات التعسفية قد يؤدي إلى نوع من اللاأبالية عند بعض الموظفين في تعاملهم مع الجمهور، وتضيع الحوافز وتزيد الضغوط عليهم لمزيد من التجاوب مع طلبات المواطنين.

التبشير بأفول نجم البيروقراطية:
يشير وارن بينس (Warren Bennis) بموت البيروقراطية باعتبارها نموذجاً متقادماً لا يتماشى مع روح العصر، وأنها كانت تتناسب مع مقتضيات بداية تطور المجتمع الصناعي حيث كانت الحاجة كبيرة للنظام والدقة وحماية العاملين من المعاملة غير العادلة لأصحاب العمل في غياب اتحادات العمال القوية وهو يرى أن تلك الظروف تغيرات وتغيرت معها المطالب والأولويات. ومن الأمثلة على ا لتغييرات كما يراها:
التغير السريع في أنماط العمل وتعقدها: فلم تعد الأعمال روتينية، يمكن أن يقوم بإنجازها عمال غير ماهرين يعملون في بيئات مستقرة. بل تعقدت الظروف البيئية بشكل أصبح التغيير السريع هو السمة الغالبة، وأصبحت معظم العمال معقدة غير روتينية وتحتاج إلى تنظيمات أكثر مرونة.
الزيادة غير المسبوقة في حجم التنظيمات وتنوع المهام: بشكل كبير أصبح. إذ يصعب مع التنوع الكبير في المهام تحديد الأدوار بشكل دقيق ووضع إجراءات تفصيلية لتسيير الأعمال.
التغير في سلوك الإدارات والاتجاه للنزعة الإنسانية: بسبب تطور المستوى الثقافي للعملين، ومستوى كفاءتهم ومهاراتهم، بشكل يفوق كثيراً ما كان سائداً عند وضع النظرية البيروقراطية . إذ تسود الآن مفاهيم إدارية تؤكد على التعاون، كأساس للعمل بدل الاعتماد على الإجبار وعلى وسائل التهديد بالعقاب، وحلت القيم الإدارية محل القيم السلطوية السابقة.
البيروقراطية وجدت لتبقى:
إن الحجج السابقة والتنبؤ بقرب زوال البيروقراطية والإدعاء أنها لم تعد تناسب روح العصر غير صحيحة فالنظرية البيروقراطية لا تزال فعالة وخاصة في دول مثل دولنا في الكويت والأردن وفلسطين والدول العربية الأخرى، وكما تدل الوقائع فإن الدول التي طبقت تطبق هذا النموذج وحققت تقدماً وتحقق وأن صار علاقة التخلف الإداري بين والبعد عن الالتزام بجدية النظرية. وتخطي الأسس التي تقوم عليها. أما الشكاوى على النموذج البيروقراطي فهي شكاوى موظفين وعمال في دول حققت معدلات إنتاج كبيرة ولم تعد المشكلة هي زيادة الإنتاج بل في كيفية إيجاد أسواق كافية لتصريف الإنتاج الكبير الذي يزيد عن استهلاكها في مختلف مجالات الحياة من الزراعة والصناعة والخدمات. أما الحديث عن الملل بسبب زيادة التخصص والتقنين الزائد لإجراءات العمل فهو أيضاً شكوى من عمال وموظفين في دول يفضي العاملون فيها ساعات عمل فعلية في أداء المهام. أما في بلادنا فلا يكاد الموظف يعمل إلا ساعات محدودة جداً من ساعات العمل الرسمية ويضيع الوقت الباقي في إضاعة وقت الآخرين، أو متابعة أعماله الخاصة، وهذا يفسر حجم العمالة الكبير في القطاع الحكومي، ويفسر تكرار الحديث عن ضرورة تقليص عدد الموظفين، وزيادة أيام العطل الرسمية، والحديث عن ظاهرة الترهل الإداري. فلذلك فإن المشكلة ا لرئيسة في دولنا هي غياب النموذج البيروقراطي وليس في وجوده. إن استمرار فعالية النموذج اللبيروقراطي أمر واضح ومطلوب لأسباب كثيرة أخرى منها أنه:
·    نموذج كفؤ وفعال في مختلف المنظمات ال صناعية والتجارية والزراعية حكومية كانت أو خاصة والبقاء للأفضل.
·       يتلاءم مع المنظمات كبيرة الحجم وهي لا تزال وستبقى  في المنظور البعيد لأن هذه سمة وسنن التطور.
·    هناك مبالغة في موضوع التغيير في القيم الاجتماعية فيما يتصل بالبيروقراطية، فما زال هناك تأكيد على أهمية النظام والطاعة في كل المنظمات الإدارية رغم كل الاتجاهات نحو الديمقراطية. فالنظام والانضباط لا يتنافى مع الديمقراطية لأنها لا تعني الفوضى.
·    هناك مبالغة في القول بأن البيروقراطية لا تتناسب مع وتيرة التغيرات السريعة، ذلك أن التغيير كان دائماً سمة أساسية في المجتمعات وتبقى القضية نسبية.
·    هناك إمكانية لتطوير البيروقراطية وتعديلها، كما بينا في موضوع البيروقراطية المهنية القادرة على توفير الرقابة والتقنين في عصر الرقابة المعرفي الهائل.
·    هناك قدرة للنموذج البيروقراطي على ضمان الرقابة التي يرغب أصحاب القرار والمصلحة في المنظمات المختلفة في ممارستها.
تلخيص:
تعني البيروقراطية عدد أمور فهي من ناحية لغوية تعني حكم المكتب، وترتبط الهيبة والسلطة التي يتمتع بها الموظفون الحكوميون. كما أن لها دلالات سلبية تشير إلى أمراض الأجهزة الإدارية وإجراءاتها المعقدة، وهذان المعنيان لا علاقة لهما بالنموذج البيروقراطي الذي جاء به ماكس فيبر (Max Weber) واضع النظرية البيروقراطية في بداية العشرينات من هذا القرن. فقد توصل فيبر النظرية وهو بصدد البث عن أسباب تطور المجمعات المختلفة. إذ يرى أن المجتمعات تمر في ثلاث مراحل صنفها وحسب معايير ومؤهلات أصحاب السلطة وعلى النحو التالي:
مرحلة السلطة التقليدية، والسلطة الكارزيماتية، والسلطة القانونية. وتعتبر مرحلة السلطة القانونية المرحلة البيروقراطية التي تتصف الإدارة فيها بخصائص عدة منها: وجود هياكل تنظيمية تتصف بتقسيم العمل والتخصص، والتسلسل الهرمي، ودرجة عالية من تقنين الإجراءات، ووجود علاقات عمل رسمية، وفصل بين الدور الوظيفي الرسمي للموظف وبين حياته الخاصة، والتأكيد على الجدارة في تعيين وترقية الموظفين، واعتبار الإدارة مهنة كسائر المهن تحتاج للتأهيل والتدريب المستمر. وهناك نوعان من البيروقراطية، النوع الأولى الذي وصفه فيبر (Weber)، والبيروقراطية المهنية التي تقوم على نمط اللامركزية والتقنين الذاتي للسلوك وهو نموذج إداري يناسب المنظمات التي توظف قوى عاملة ماهرة ومتخصصة، وهو أسلوب فعال في تحقيق الأهداف شأنها شأن النموذج البيروقراطي الذي وضعه فيبر (Weber).
وتكمن نقطة القوة في النموذج البيروقراطي في القدرة على تقنين السلوك التنظيمي للعاملين من خلال القواعد والإجراءات المحددة للعمل، مما يضمن القدرة على التنبؤ والتخطيط، ولأنه أسلوب يعامل الجميع بعدالة من حيث متطلبات العمل، وتقييم الأداء. أما الناقدون للبيروقراطية فيحذرون من احتمالات انحراف الجهاز البيروقراطي عن الأهداف الأصلية المقدرة له، ومن غلواء التمسك الحرفي بالتعليمات، ومن مخاطر شعور الموظفين بالاغتراب والخوف من إساءة استعمال السلطة وشعور المتعاملين مع الأجهزة الإدارية بالإحباط بسبب الرسمية الزائدة في سلوك العاملين. والخلاصة أن البيروقراطية وجدت لتبقى، لأنها نمط تنظيمي قابل للتطور وتتناسب مع مختلف أنواع التكنولوجيا والبيئات التي تعمل فيها مختلف المنظمات، وقادرة على تحقيق الرقابة المطلوبة التي يرغب المسئولون ببسطها على ما يجري في المنظمات التي يديرونها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

keyboard_arrow_up

جميع الحقوق محفوظة © عرب سوسيو- طلبة علم الإجتماع القنيطرة -

close

أكتب كلمة البحث...