سوسيولوجيا الأديان - جميل حمداوي



حول الكتاب : 
يعد علم اجتماع الأديان (Sociologie de la religion ) فرعا من فروع علم الاجتماع العام. ويهتم هذا التخصص بدراسة المعتقدات والطقوس والممارسات والاحتفالات الدينية في ضوء المقاربة السوسيولوجية، باستخدام المنهجية الكمية من جهة، أو المنهجية الكيفية من جهة أخرى، أو هما معا. ويعني هذا أن الدين جزء من المجتمع، أو هو بمثابة مؤسسة مجتمعية كباقي المؤسسات الأخرى التي لها دور هام داخل النسق الاجتماعي الوظيفي. ومن ثم، فالدين له تأثير كبير في المجتمع.كما للمجتمع تأثيره الخاص في الدين.إذاً، هناك عملية تأثير وتأثر متبادلة. ومن ثم، فالدين هو نتاج الحياة المجتمعية القائمة على التلاحم، والتضامن، والتعاون، والتآزر، والتسامح، والتعايش... وبالتالي، يعبر الدين عما هو مجتمعي. علاوة على ذلك، يعكس الدين - حسب كارل ماركس- الصراع الطبقي، والتفاوت الاجتماعي، ويعبر عن استلاب الإنسان واغترابه وضياعه في مجتمع البؤس والشقاء والاستغلال. بمعنى أن الدين أفيون الشعوب، وأداة لتخدير الناس وتكليسهم، ووسيلة إيديولوجية لدفع الناس إلى القناعة والرضا والاقتناع بما قسم الله لهم، وحثهم على انتظار الآخرة حتى يظفروا بما أعد الله لهم من جزاء، يعوضهم عن مآسي الدنيا ومعاناتها.
ومن ثم، يهدف علم اجتماع الأديان إلى تصنيف المعتقدات والديانات حسب الأولوية والأهمية العددية والجغرافية، وتجميعها في وثائق أو نصوص أو جذاذات وجداول حسب عدد المنتمين إليها، ونسبة الانتماء ؛ ثم تبيان مكانة كل ديانة أو عقيدة على حدة؛ واستجلاء نموها وتطورها ومدى انتشارها؛ وتحديد مرتكزاتها النظرية، واستكشاف آليات ممارستها، واستعراض مختلف المواقف الرافضة أو المؤيدة أو المعارضة لتلك الديانات أو المعتقدات، دون أن ننسى دراسة الظروف الاجتماعية التي أفرزت تلك الديانات والعقائد، واستجلاء مختلف الصعوبات والعراقيل التي تواجهها كل ديانة أو عقيدة لإثبات نفسها في تربة جغرافية معية.
إذاً، ما مفهوم الدين ؟ وما صيرورته التاريخية؟ وما علم اجتماع الأديان ؟ وما موضوعه؟ وما أعلامه قديما وحديثا؟ وما تصوراته النظرية والمنهجية؟
هذا ماسوف نرصده في كتابنا هذا الذي عنوناه بـ(سوسيولوجيا الأديان)، على أساس أن علم اجتماع الأديان تخصص سوسيولوجي مهم لدراسة العقائد والأديان، في ضوء النظريات والمقاربات والمنظورات السوسيولوجية المختلفة، بغية فهم الأنساق الاجتماعية التي تتحكم في هذه العقائد والديانات وتفسيرها وتأويلها كما وكيفا.
ونرجو من الله عز وجل أن يوفقنا في هذا الكتاب المتواضع، و يسدد خطانا، ويرشدنا إلى ما فيه صالحنا، ونستغفره عن هفواتنا وكبواتنا وأخطائنا وزلاتنا. كما نستسمح القراء الأفاضل عما في هذا الكتاب من نقص وتقصير ونسيان، فالكمال والتمام من صفات سبحانه وتعالى جل شأنه وعلا، وماتوفيقي إلا بالله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

keyboard_arrow_up

جميع الحقوق محفوظة © عرب سوسيو- طلبة علم الإجتماع القنيطرة -

close

أكتب كلمة البحث...