سوسيولوجيا الثقافة 
تعتبر سوسيولوجيا الثقافة من بين اهم فروع السوسيولوجيا العامة , اذ هي علم يكاد يكون شاملا او مركز بؤر , تلتقي فيه معظم العلوم , و الثقافة جزء لا يتجزء من الانسان, بل دائما معه اينما حل واينما كان.
مما لا شك فيه ان لفظة الثقافة, متعددة المعاني, من مكان لاخر في سائر الازمنة. عموما ساقترح بعض المحاور الكبرى التي ساناقش من خلالها مفهوم الثقافة من الوجهة السوسيولوجية, وهي على الشكل التالي :
المحور الاول : مفهوم الثقافة مداخيل معجمية 
1- من المفهوم الى النظرية 
2- تاريخ سوسيولوجيا الثقافة
المحور الثاني : التحديد السوسيولوجي للثقافة 
المحور الثالث : سوسيولوجيا الاعتراف الثقافي 
1- الثقافات الفرعية نموذجا 

ما يمكن ان ابدا به كمسلمة اولى لهذا البحث, وهو ان الثقافات متعددة, بمعنى ليست هنالك ثقافة واحدة ووحيدة.اذن , هذا البحث يكاد يتحدث عن سوسيولوجيا الثقافات النتعددة وليس ثقافة واحدة.بمعنى في هذه الحالة نتحدث عن التعدد الثقافي, الذي يعتبر شرط وجود اي مجتمع انساني .
ايضا يجب ان اشير الى فكرة اساسية وهي ما يمكن ان نسميه بالاعتراف , اي الاعتراف السوسيولوجي بثقافة معينة وعدم الاعتراف بالاخرى, يعني ان هناك فرق كبير بين الاعتراف السوسيولوجي بثقافة معينة و الاعتراف القانوني بثقافة بعينها.
وهذا الاعتراف يهمني بالذات تحديده في ثلاث مستويات , وهي كالتالي : 
المستوى الاول : الذي يتعلق بالمعجمي , ويعني الاقرار بقيمة شيء من الاشياء .
المستوى الثاني : هو خطاب حول الوجود الثقانوني لظاهرة من الظواهر .
المستوى الثالث : التفاوت القائم بين الاعتراف و عدم الاعتراف .
وبالالي, يمكن القول ان سوسيولوجيا الاعتراف تبحث في سباب عميقة و التي تجعل تعبيرا ثقافيا معينا حائزا على القيمة على حساب التعبيرات الاخرى. كذلك سوسيولوجيا الاعتراف هي التي تكشف بالملموس التفاوتات الاجتماعية . واخيرا ان سوسيولوجيا الاعتراف الثقافي تفسر ايضا وبعمق كيف تنزلق المجتمعات التي لا تحسن تدبير التعدد الثقافي الى مستويات العنف الرمزي والمادي كثيرا.
عموما , يجب كذلك قبل ان ادخل لمناقشة محاور هذا البحث , يجب ان اعطي لمحة بعض القيم التي تمتاز بها سوسيولوجيا الثقافة , ويمكن ان اختصرها في قيمتين :
القيمة الاولى التي تمتاز بها سوسيولوجيا الثقافة : انها اطار نظري و قدرة تاويلية لوصف التعبيرات الفنية و الادبية في مجتمع من المجتمعات .
ويمكن ان اعطي مثال بهذا الصدد , وهو الارتهان باللغة كما ينطقها و كما يعيشها و يمارسها الناس في زمن بعينه وفي مكان بعينه . بمعنى ان هناك الفاظ تكون خادشة للحياء حينما تنطق باللغة الفصحة 
وهناك الفاظ قد تكون خادشة للحياء و الذوق العام حين تنطق ب الدرجة 
اذن , هذه التعبيرات لها علاقة وطيدة بسوسيولوجيا الثقافة .
اذا القيمة الاساسية لسوسيولوجيا الثقافة هو الانتباه الى تغيير الممارسات الثقافية ذاخل مجتمع من المجتمعات.
اذا , فسوسيولوجيا الثقافة , هي من التخصصات الملائمة من الوجهة المنهجية و النظرية التي تمكن من شرح ما يمكن ان نسميه بالاختلاف الجدري في استعمال الكلام.فسوسيولوجيا الثقافة هي التي تمكننا من شرح هذا المعجم الشفوي الموجود و المتداول بين فئاة مجتمع من المجتمعات .
ايضا , تتوفر سوسيولوجيا الثقافة على ما يكفي من المفاهيم ومن المنهجيات التي تمكننا من فهم كيف يبدع المغاربة المعاصرين السنتهم المختلفة وكيف يبدعون ادواقهم المختلفة.
القيمة الثانية التي تمتاز بها سوسيولوجيا الثقافة : هي القيمة البيداغوجية, مهمة جدا لانها تمكننا من التعرف على تخصص فرعي للسوسيولوجيا العامة . ايضا تمكن الباحث في مجال سوسيولوجيا الثقافة من حيازة بعض الاسلحة المرتبطة بالفهم و التحليل و مكانية تفكيك المعلومات المشاعة و الاذواق التي يتم ترسيمها و التي لا يتم ترسيمها, اي ان سوسيولوجيا الثقافة تمكننا من حيازة اليات نقدية لكي نفكك ما يمكن ان نسميه بالذوق العام او الثقافة العامة او الرسمية .
المحور الاول : مفهوم الثقافة مداخيل معجمية 
- من المفهوم الى النظرية :
يمكن القول ان الاختلاف الموجود بين المعاجم من لغة الى اخرى , ليس اختلافا معجميا , بقدر ما هو اختلاف نظري, اختلاف يرتبط بالتصور العام , واستنادا الى هذه المرجعية تتاسس الفروق الاساسية المرتبطة بسوسيولوجيا الثقافة .
الثقافة في النظام العربي مرتبطة بالتقويم.مفهوم الثقافة في النظام العربي كان دوما مرتبط بالفضيلة و المقدس.
اما الثقافة في النظام الاوروبي, في العصر الوسيط مرتبط بالوجود المادي , لان الثقافة ارتبطت بالزراعة اي بكل ما له علاقة بالخيرات المادية و الرمزية .
على اي , يهمنا هذا المحور المعاجم لكي نقول , ان هناك انتقال من معلومة معجمية الى تصور نظري , لان حينما حدد العرب مفهوم الثقافة باعتباره طريقة من طرائق التشديد و التهديب و التقويم , جعلو ا جميع التعبيرات الثقافية تحتكي الى هذه الظابطة الاخلاقية.عند العرب كي تكون مثقفا لا بد ان تتحدث باللغة العربية الفصحة , اي لا يتصور مثقف غير ناطق باللغة العربية الفصحة هذا على سبيل المثال.بمعنى المثقف يتحدث بلغة علية الفصحة اذ من الصعب تصور تخيلا اجتماعيا يجمع بين مثقف و استعمال لغة سفلية .
2- تاريخ سوسيولوجيا الثقافة :
في النصف الاول من القرن 19م, خضع علم الاجتماع المعاصر الى صنافتين اساسيتين.بمعنى حينما اراد علماء الاجتماع ان يصنفوا المباحث العلمية الى علم الاجتماع, استندوا الى مبداين :
1- المبدا الموضوعاتي : وهو مجموعة من المباحث الاجتماعية ثم ادماجها في تخصصات فرعية لعلم الاجتماع انطلاقا من معيار موضوعاتي .اذن ما معنى المعيار الموضوعاتي ؟
بمعنى جملة من الحقول العلمية ذات الوجود الامبريقي , اي يمكن اخضاعها للمنهج التجريبي , وذات حدود صارمة.
اعطي مثالا هنا بسوسيولوجيا الرياضة : تعتمد على معيار موضوعاتي امبريقي تجريبي ممارسة الرياضة و الانشطة الرياضية " يمكن اخضاعها الى التجربة .
مثال اخر : سوسيولوجيا الشغل : يمكن القول هنا لماذا حضور المراة يقتصر فقط في اعمال مهنية محدودة ؟
يعني, يمكن الاجابة و القول ان المراة المغربية حسب ابحات تجريبية ميدانية لا تطالب كثيرا فيما يخص الراتب او الاجر.اي تشتغل بثمن منخفظ عكس الرجل.
المراة المغربية ايضا , في الادارة العمومية حسب الابحاث الميدانية التي اجريت في هذا المجال تؤكد صعوبة ارتشاء المراة .بمعنى يصعب رشوة المراة.اذن, سوسيولوجيا الرياضة و سوسيولوجيا الشغل هما ميدانين امبريقيين بامتياز .
2- المبدا التصوري او المفاهيمي : ها المبدا لا يرتبط بمجال امبريقي واضح و ولا يرتبط بحدود واضحة و صارمة , قدر ارتباطه بالاسئلة المقترحة للبحث .
اذن, سوسيولوجيا الثقافة لا تنتمي الى المجالات الامبريقية الواضحة , وليست لها حدود واضحة .وبالتالي هناك ثلاث خصائص تمتاز بها سوسيولوجيا الثقافة :
الخاصية الاولى :
ان سوسيولوجيا الثقافة هي نوع من التخصصات العلمية المرنة ,ليست لها حدود واضحة ولا صارمة , بحيث ان سوسيولوجيا الثقافة تشتغل على موضوعات تهم النشاط الثقافي اهتماما مباشرا.مثلا : سوسيولوجيا الفن, وسوسيولوجيا الاداب ...
لكنها في الان ذاته , تهتم بالانشطة الملحقة.مثلا : سوسيولوجيا التربية على الفن .
اذن, حين نتحدث عن سوسيولوجيا الثقافة , لا نتحدث عن مجال امبريقي واحد , بقدر ما نتحدث عن مجال و حدود واضحة .وبالتالي فسوسيولوجيا الثقافة قد تدهب من سوسيولوجيا السينما من المكياج الى الملابس الى ابعد من ذلك بكثير.
الخاصية الثانية : 
ان سوسيولوجيا الثقافة تضم مجموعة من الانشطة الانسانية , التي تتعلق بالانتاج المادي و الرمزي.اذن , سوسيولوجيا الثقافة تهتم بجميع الانشطة الانسانية التي تتضمن مبدا اساسيا وهو الابداع سواءا كان هذا الابداع ماديا او رمزيا.
مثلا : سوسيولوجيا الزربية المغربية بحث في هذا المجال عالم الاجتماع المغربي عبد الكبير الخطيبي باعتبارها صورة بصرية.
اذن سوسيولوجيا الثقافة تهتم بكل هذه البداعات سواء كانت مادية او رمزية.
الخاصية الثالثة :
ان سوسيولوجيا الثقافة عابرة لجميع التخصصات,بمعنى ان مصادرها لا توجد في علم الاجتماع فقط, لكن يمكن ان نجدها في المعارف المحيطة بعلم الاجتماع...نجدها في الفنون , الاداب وفي الاريخ ...الخ .
تابع ...


المراجع المعتمدة :
الطاهر لبيب، سوسيولوجيا الثقافة، مطبعة فضالة، المحمدية، 2006،
Pierre bourdieu -;- la distiction -;-critique social du jugement 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

keyboard_arrow_up

جميع الحقوق محفوظة © عرب سوسيو- طلبة علم الإجتماع القنيطرة -

close

أكتب كلمة البحث...