مقدمـــة:
الإنسان كائن اجتماعي يعيش و يقضي معظم
وقته في جماعة و في جماعات , يؤثر فيها و يتأثر بها , ويتحدد سلوكه الإجتماعي على
أساس السلوك الإجتماعي المصطلح عليه.
و الفرد منذ ولادته وخلال نموه تطرأ عليه
تغييرات جوهرية تشمل جوانب عديدة من شخصيته , فهو ينمو جسميا و فسيولوجيا , و ينمو
عقليا , و ينمو انفعاليا , وينمو اجتماعيا .
و لعل الناحية الإجتماعية هي قطب رحى
موضوعنا هذا , فمنذ طفولة الفرد تنمو لديه القدرة تدريجيا على إنشاء العلاقات
الإجتماعية مع الآخرين. فهو يكتسب الأساليب السلوكية و الإجتماعية و الإتجاهات و
القيم و المعايير و يتعلم الأدوار الإجتماعية , و هو يتعلم ما يصطلح عليه بالتفاعل
الإجتماعي مع رفاق السن , و ينمو أخلاقيا و دينيا .
لذلك صار لزاما معرفة دوافع السلوك
الإجتماعي بهدف تحديد علاقة الطفل بباقي رفاقه - رفاق الحي و المدرسة...- بغية فهم
السلوك و وصفه , و التنبؤ به , و التحكم فيه... لنخرج بفهم و تفسير لحياتنا و حياة
الآخرين , و كذا توجيه هذه الحياة توجيها صحيحا .
هنا يأتي علم الإجتماع التربوي ليمدنا
بمادة معرفية جد مهمة لكل التساؤلات المعرفية و التربوية , فمسألة النشء مسألة
جوهرية وهي ما يتناول علم الإجتماع التربوي بالبحث و الدراسة, و القياس الإجتماعي.
و تكمن أهمية هذا العلم في كونه يساهم في
تحقيق هدف عام مشترك و هو توجيه النشء لما يسعده في حياته بتحقيق المزيد من الرضا
و التكيف الإجتماعي مع نفسه أولا , و مع بيئته الإجتماعية التي يعيش فيها.
فما هو علم الإجتماع التربوي؟ و ماهي
مجالات اهتمامه ؟ و إلى أي حد يمكن القول بأن علم الإجتماع التربوي ساهم إسهاما
فعالا في ميدان التربية و التعليم ؟
و ما هي أشهر النظريات الحديثة في علم
الإجتماع التربوي ؟ و ما هي يا ترى أهم المراحل و الأشواط التي قطعها هذا العلم
الحديث ؟
تعريف علم الإجتماع التربوي:
علم الإجتماع التربوي وهو العلم الذي يدرس أثر العمل التربوي في
الحياة الاجتماعية، ويدرس في الوقت نفسه، أثر الحياة الاجتماعية في العمل التربوي،
أو هو العلم الاجتماعي الذي يدرس الظاهرة التربوية في مناحيها المتعددة، وفي إطار
تفاعلها مع الواقع الاجتماعي. فهو علم قائم بذاته , و تم استخلاصه من علم الإجتماع
العام . وهو علم حديث النشأة و فرع من فروعه يعمل على تطبيق المفاهيم و التصورات و
المصطلحات الواردة في علم الإجتماع العام في جانب من أهم ميادين المجتمع و هو
الجانب التربوي . يمكن القول إذن أن علم
الإجتماع التربوي عبارة عن مزيج مختلط من كل من علم الإجتماع و التربية , و هو
" علم الإجتماع التربوي " 1 . فالعملية التربوية جزء لا يتجزأ من
المجتمع , و هي العملية التي تنشئ الإنسان القادر على تسيير أمور و قيادة التقدم
الإجتماعي و خطط التنمية و تنفيذ مشروعاتها .
يهتم هذا الميدان من علم الاجتماع ببحث الوسائل التربوية التي تؤدي
إلى نمو أفضل للشخصية، لأن الأساس في هذا الميدان هو أن التربية عملية تنشئة
اجتماعية. لذا فإن علم الاجتماع التربوي يبحث في وسائل تطبيع الأفراد بحضارة
مجتمعهم. والتربية أساساً ظاهرة اجتماعية، يجب أن تدرس في ضوء تأثيرها في الظواهر
الاجتماعية الأخرى من سياسية واقتصادية وبيئية وتشريعية، وتأثيرها في المتغيرات
الاجتماعية الأخرى من خلال عمليات التفاعل الاجتماعي. من هنا أكد الإجتماعيون
ضرورة تحليل الدور الذي يقوم به النظام التربوي في علاقته بأجزاء البناء الاجتماعي
الديموغرافية أو الاقتصادية أو السياسية، وعلاقته بمثالية المجتمع أو نظراته
العامة والإيديولوجيات التي تفعل فيه.
ويحتل علم الاجتماع التربوي مكانة خاصة في
البلدان التي تعيش مرحلة نقلة حضارية، إذ تجري مجموعة من التغيرات الاقتصادية
والاجتماعية، تلك التغيرات التي تستوجب إعادة النظر في مسائل التربية والتعليم وما
يتعلق بها من ظواهر اجتماعية تواكب تلك التغيرات وتعمق جذورها .
مجالات اهتمام علم الاجتماع التربوي:
يهتم علم الإجتماع التربوي بمسائل مثل
إيصال القيم الاجتماعية والثقافية والتربوية والدينية والوطنية إلى الطفل عن طريق
النظام التعليمي، كما أنه يدرس المحددات الاجتماعية التي تؤثر في تقرير السياسات
التربوية وأهداف النظام التعليمي، وكذلك تأثير المؤسسات الاجتماعية في النظام
التعليمي، وتأثير العلاقة بين المدرسة والأسرة، في التحصيل المدرسي للتلاميذ، ودور
النظام التعليمي في الحراك الاجتماعي، وأثر الأنماط الثقافية السائدة على النظام
المدرسي، والتعلم عن طريق جماعات الأقران، والعلاقات بين أفراد تلك الجماعات، ودور
التربية في إعداد الناشئة لسوق العمل، والتحليل الاجتماعي لبنية النظام المدرسي
والعلاقات السائدة فيه، ودور النظام المدرسي بصفته أداة للسيطرة الاجتماعية
والضبط، وإعادة إنتاج العلاقات الاقتصادية والاجتماعية السائدة، وتحديد الطبقات
الاجتماعية المستفيدة من النظام المدرسي، والتي تطبعه بخصائصها اللغوية والثقافية،
وأخيراً دور التربية في عمليات التحديث الاجتماعي.
و غني عن البيان أن علم الإجتماع التربوي يروم من خلال دراسته للحقل
التربوي سبر أغوار العلاقة المعقدة بين الفرد و الجماعة من جهة و بين الجماعة و
باقي الجماعات من جهة أخرى . كما يدرس علاقة المجتمع بالتربية و تأثير التربية فيه
. فالدراسة ليست سهلة و ميسرة كما قد يبدو للبعض . لأن هناك عقبات تتضح و تظهر –
الرواسب أو المخلفات التربوية – قد تمارس ضغوطات من شأنها أن تعرقل عمليات التنمية
و التطوير .
كما يعمل علم الإجتماع التربوي من خلال تحليله لميدان التربية و
التعليم محاولة تكريس مبدأ " تكافؤ الفرص" حيث يجعل له معنى حقيقيا داخل
الشق التربوي و ليس مجرد شعار يرفع هنا و هناك , و ذلك من أجل الترقي و الصعود في
سلم الحراك الإجتماعي وفق استعدادات التلاميذ و ميولاتهم و قدراتهم و تمثلاتهم و
طموحاتهم وليس وفق ما كونوه من مكانات موروثة .
فعلم الإجتماع التربوي , و باختصار يكرس
جهده لفهم العلاقة بين التلميذ و المدرسة و المجتمع .
فهو يهتم بالنظام التربوي ككل متكامل بكل
ما يضمه من مؤسسات تربوية و اجتماعية , أوجدها المجتمع بهدف تعليم أبنائه و تربية
النشء في مختلف مراحل العمر السنية و كافة مراحل التعليم , و كذا الإهتمام بمختلف
جوانب التلميذ المعرفية والوجدانية و الإنفعالية, و كافة ما يحيط بالمجتمع
التعليمي من مشكلات و معيقات.
مراحل تطور علم الإجتماع التربوي:
ظهر هذا العلم نتيجة لجملة من التطورات الإجتماعية، منها توقع دور
النظام التعليمي في ترسيخ الديمقراطية الاجتماعية والتربوية والحراك الاجتماعي عن
طريق التحصيل المدرسي، وإعداد التلاميذ للحصول على فرص عمل، وتعزيز دور المدرسة في
التنشئة الاجتماعية للطفل، و يقصد بالتنشئة الاجتماعية العملية التي عن طريقها
يسعى الآباء إلى إحلال عادات و دوافع جديدة محل عادات ودوافع كان الطفل قد كونها
بطريقة أولية في المرحلة السابقة . أو بعبارة أخرى هي العملية التي يهدف الآباء من
ورائها إلى جعل أبنائهم يكتسبون أساليب سلوكية و دوافع وقيم واتجاهات يرضى عنها
اﻟﻤﺠتمع وتتقبلها الثقافة الفرعية التي ينتمون إليها.
وتمثل أعمال إميل دوركهايم Émile Durkheim (1858-1917)، وماكس فيبر Max Weber
(1864-1920)،
وكارل ماركس Karl Marx
(1818-1883)،
المقدمات النظرية لولادة علم الإجتماع التربوي. وقد تجلى إسهام كل منهم في هذا
المجال في كتبه، إذ كتب دوركهايم: «التربية والمجتمع» Éducation et sociologie و«التطور التربوي في فرنسة« Évolution pédagogique en France وأسهم كتاب ماكس فيبر «الأخلاق البروتستنتية وروح الرأسمالية» L'éthique
Protestante et l'esprit du capitalisme في شرح التطور الاجتماعي الرأسمالي في أوربة الغربية، وعرض كارل ماركس
الفكر الاجتماعي التربوي بشرح تأثير البنية التحتية، وأنماط الإنتاج وعلاقات
الإنتاج، على البنية الفوقية كالبناء الثقافي والحقوقي للمجتمع والنظام التربوي
والمدرسي السائد، كما ركز على أهمية الموازين الطبقية في العملية التربوية، وعلى
قيم كل طبقة اجتماعية وتصوراتها. وانتقد تربية الأطفال بأساليب الإكراه في
المجتمعات الرأسمالية.
ومهد هؤلاء الرواد لتطور علم الاجتماع
التربوي، فقد بحث جاكار P.Jaccard في كتابه «علم الاجتماع التربوي» (1963) أفكار دوركهايم، كما درس كل
من جيرار A.Girard وباستيد
K.Pastide، أثر الانتماء
الاجتماعي في قوة التحصيل المدرسي في بحثهما «حول الطبقة الاجتماعية،
وديمقراطية التعليم»، عام 1963، وكتب بول
كلارك Paul Clerc حول «الأسرة والتوجيه المدرسي لتلامذة الصف السادس الابتدائي». ولعل
أكثر الأعمال إثارة للاهتمام والجدل هي الدراسة التي قام بها كل
من بورديو Bourdieu وباسرون
J.C.Passeron بعنوان «إعادة الإنتاج: حول نظرية نظام
التعليم» La reproduction:
pour une théorie du système d'enseignement
وهي دراسة
تكشف عن أن النظام التعليمي السائد في
فرنسا يعيد بناء العلاقات الإنتاجية القائمة على تعزيز السيطرة الاقتصادية للطبقات
السائدة.
ولعل أبرز الأعمال المهمة التي صدرت في
بريطانيا هو ما قام به فريد كلارك، حول «التربية والتغير الاجتماعي» الصادر في لندن
عام 1940، محللاً تاريخ التربية في المجتمع البريطاني، وداعياً إلى توظيفها في
خدمة الطبقات السائدة، واهتم باسيل برنشتاين Basil Brenstien عام 1975 بمسألة العلاقة بين اللغة والانتماء الطبقي، مبيناً أن لغة
النظام المدرسي في بريطانية كانت وماتزال تعكس فكر الطبقات المتوسطة في المجتمع
البريطاني. وقدمت مرغريت آرشر Margaret Archer في كتابها «الأصول الاجتماعية للأنظمة التربوية» Social Origins of Educational Systems الصادر في لندن عام 1967، تحليلاً للقوى الاجتماعية التي أثرت في تطور
النظام المدرسي لخدمة مصالحها الاجتماعية والاقتصادية. وبين فرانك مسغروف F. Musgrove في كتابه «المدرسة والنظام الاجتماعي» School and Social Order الصادر في لندن عام 1968، دور المدرسة في تعزيز التفاوت الطبقي بين
طلابها، ويؤكد كتاب مايكل دون المعروف باسم «التربية في بريطانيا» Education in Britain
الصادر في لندن عام 1979 وفي الفصل المعنون باسم
«التربية والفقر»، الحقيقة نفسها مبيناً أن النظام التعليمي في بريطانيا جعل الناس
المستفيدين منه قادرين على تحسين ظروف حياتهم المعيشية.
وقام جون ديوي J.
Dewey (1859-1952) بدراسات تربوية واجتماعية وخاصة في كتابيه
«المدرسة والمجتمع»
The School and Society عام 1899، و«الديمقراطية والتربية» Democracy and
Education عام 1916 مبيناً أثر الحياة الاجتماعية
التقليدية في العمل التربوي، وترك هذان الكتابان أثراً تربوياً كبيراً في الولايات
المتحدة الأمريكية، وكانت مؤلفاته إجمالاً مؤثرة في التربية والمجتمع العالمي
بتركيزه على الخبرة والحرية والديمقراطية والتعاون بين التلاميذ وأبناء المجتمع.
ويؤكد داتون S.T.Datun في كتابه «الجوانب الاجتماعية للتربية» عام 1900، ضرورة ربط التربية
بخبرات الطفل الاجتماعية في المنزل والمجتمع المحلي. وكان لهنري سوزلو H. Suzzlo فضل استعمال تعبير «علم الاجتماع التربوي» في الولايات المتحدة
الأمريكية أول مرة عام 1910 في جامعة كولومبية.
وفي المرحلة نفسها صدر أيضاً كتاب وليم
هاولي سميث W.H.Smith «مدخل إلى علم الاجتماع التربوي»، الذي عرف هذا العلم بأنه «يستخدم
نظرية علم الاجتماع وميادينه في دراسة قضايا التربية ونظرياتها وممارستها».
ويطلق البعض على جورج باين G.Payne، لقب «أبو علم
الاجتماع التربوي» فقد أصدر نشرة علم الاجتماع التربوي عام 1928، التي أصبحت فيما
بعد النشرة الرسمية للجمعية الوطنية لعلم الاجتماع التربوي التي تأسست عام 1923.
وفي الستينات والسبعينات من القرن العشرين
حصلت أزمات اجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب البطالة والجريمة
والصراعات العرقية، وصدرت مجموعة من الدراسات المهمة حول ديمقراطية التعليم، لعل
أشهرها الدراسة المشتركة لكل من باول وجنتس Bowels-
Gentis بعنوان «النظام المدرسي في أمريكة
الرأسمالية» Schooling in
Capitalist America الصادرة عام 1977، وكذلك دراسة إيفان
إيليتش I.Iliych الشهيرة بعنوان «اللامدرسية» Deschooling. لقد حلل كل من باول وجنتس الطابع الطبقي للنظام المدرسي في الولايات
المتحدة الأمريكية الذي يعزز فرص أبناء الطبقة الغالبة من الطلاب في النجاح
الاقتصادي والمادي، في حين اهتم ايليتش ببيان مساوئ النظام المدرسي وطابعه القهري،
ولذلك نعتها بهذه التسمية ودعا إلى التعلم الذاتي والتعلم عن طريق جماعات الأقران
التعليمية، وكتب بعد ذلك عدداً من الكتب بالاتجاه نفسه مدعماً أقواله بتطور
التقنيات ونظم المعلومات وتغيرها مما يؤدي إلى تغييرات اجتماعية وتربوية سريعة.
ويحلل باتريك فيتز Patrich Fitz في كتابه «التربية والحراك الاجتماعي في الاتحاد السوفييتي» Education and
Social Mobility in the Soviet Union الصادر في لندن عام
1979، دور المدرسة السوفييتية في تمكين أبناء الطبقات الفقيرة من المجتمع
السوفييتي من تحسين ظروف حياتهم المعيشية.
وأسهمت الدراسات الاجتماعية في دول العالم
الثالث في الكشف عن مختلف أشكال القهر الاجتماعي والثقافي الذي تعرضت لـه مجتمعات
تلك الدول في حقبة الهيمنة الاستعمارية، مما أدى إلى تعزيز تخلفها الثقافي
والتربوي، ويمكن الإشارة هنا إلى كتاب فرانز فانون «معذبو الأرض» ودراسة ج. كابرال J.kabral «السلطة والإيديولوجية» Power and
Ideology.
وقد بينت بعض الدراسات الصادرة في تلك المجتمعات
مسؤولية الأنظمة المدرسية في عهود الاستعمار عن الأمية الواسعة التي خلفتها في تلك
المجتمعات بعد استقلالها، وخاصة اقتصار تعليمها على نخب معينة كي تخدم في أجهزتها
الإدارية، وكشف باولو فرايري Paulo Freiri زيف حملات محو الأمية الرسمية في مجتمعات أمريكة الجنوبية والطابع
القهري لمضامين المقررات المعتمدة في تلك الحملات لمحو أمية الفقراء من سكان
الأحياء الفقيرة في البرازيل، ودعا إلى «تعليم للكبار» قائم على توعية الدارسين في
صفوف محو الأمية لمجتمعاتهم، والتخلص من هامشيتهم الاجتماعية
ويتضمن كتابه «تربية المقهورين» Pedagogy of the Oppressed
وكتاب «التربية من أجل الحرية» Education for Freedom إشارات واضحة لتمكين الأميين الكبار من التحرر من دونيتهم الاجتماعية
والثقافية.
بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز
ثقتهم بأنفسهم، مما يتيح لهم الإسهام في الإنتاج الاقتصادي والثقافي لمجتمعاتهم،
والتخلص من هامشيتهم الاجتماعية. ويتضمن كتابه «تربية المقهورين» Pedagogy of the
Oppressed وكتاب «التربية من أجل الحرية» Education for
Freedom إشارات واضحة لتمكين الأميين الكبار من
التحرر من دونيتهم الاجتماعية والثقافية.
وانتشرت أفكار فرايري في أمريكة اللاتينية
وبقية أرجاء العالم، ولذلك اختير رئيساً فخرياً لمؤتمر تعليم الكبار في العالم
الذي عقد في جومتيان في تايلند عام 1990.
أشهر النظريات الحديثة في علم الإجتماع
التربوي:
(التفاعلية الرمزية، والنظرية المعرفية(
إذا كان علم الإجتماع التربوي علم حديث
النشأة و فرع من فروع علم الإجتماع العام
يعمل على تطبيق المفاهيم و التصورات و
المصطلحات الواردة في جانب من أهم ميادين
المجتمع و هو الجانب التربوي كما أسلفنا الذكر .
و يعمل على دراسته دراسة علمية، لذلك و حتى
تتصف هذه الدراسة بالعلمية كان لابد أن تتسم ببعض المواصفات وهي:
-
أن تنطلق من نظرية علمية،لها من الخصائص
والشروط ما يؤهلها لتوسم بالعلمية،ولعل أهم شروط النظرية العلمية هي،الوضوح والدقة
والإيجاز،والتفرد الذي يعني تجنب تكرار ما لايجب تكراره،وأن تتسم بالواقعية في صياغتها
وطرحها،وقابلة للاختبار في الميدان،فضلا عن قدرتها على التنبؤ بمسار الوقائع
والظاهرات.
ومن هنا يتجلى لنا مفهوم النظرية العلمية
وهي كما عرفها عبد الباسط عبد المعطي:
"نسق فكري استنباطي متسق حول ظاهرة أو مجموعة من الظاهرات
المتجانسة،يحوي-أي النسق- إطارا تصوريا ومفهومات وقضايا نظرية توضح العلاقات بين
الواقع وتنظمها بطريقة دالة وذات معنى،كما أنها ذات بعد إبريقي بمعنى اعتمادها على
الواقع ومعطياته،وذات توجيه تنبئي يساعد على تفهم مستقبل الظاهرة ولو من خلال
تعميمات احتمالية"(
)
فإذا كانت النظرية العلمية وصفية وتفسيرية
في الأساس، فإن وظيفة النظرية التربوية-كما يقول بول هيرست - هي التشخيص والعلاج.
وإذا كانت النظرية العلمية تحاول وصف وتفسير ما هو قائم، فإن النظرية التربوية تصف
وتقرر ما ينبغي عمله مع الناشئة، وتوجه وترشد الممارسات التربوية. ( )
وتتسم النظريات التربوية بجملة من الأهداف
تجعل لها أهمية مرموقة في دراسة الظاهرة التربية،ولعل من بين أهم هذه الأهداف
مايلي:
1-دراسة الظواهر التربوية من حيث طبيعتها وما تتسم به من خصائص وسمات،
والتي بفضل هذه الأخيرة تجعل منها موضوعا متميزاً لعلم الاجتماع التربوي.
2-التعرف على الوقائع الثقافية والاجتماعية والشخصية المرتبطة بالظاهرة
التربوية في نشأتها وتطورها.
3- فهم طبيعة العلاقات التي تربط الظواهر التربوية بعضها ببعض، والتي
تربطها بغيرها من الظواهر الاجتماعية في المجتمع.
4-الكشف عن أبعاد أو الوظائف الاجتماعية،التي تؤديها الظواهر والنظم
التربوية بالنسبة للجوانب الاجتماعية والثقافية في المجتمع.
5- تحديد المضمون الأيدلوجي للتربية وآثاره على العمليات التربوية.
6- تحديد القوانين الاجتماعية العامة التي تحكم الظواهر التربوية وما
يرتبط بها من وقائع اجتماعية وثقافية وشخصية.
7- تحليل التربية كوسيلة للتقدم الاجتماعي.
- بعدما قدمنا لمحة بسيطة عن تعريف النظرية وما تتسم به من شروط، وما
الأهداف التي ترمي إليها، سوف نحاول في الأسطر القادمة أن نعرج على أهم النظريات
الحديثة التي عالجت موضوعات وميادين خاصة بالتربية، ولعل أبرز ما نتعرض عليه من
هذه النظريات هي:
أولاً: التفاعلية الرمزية Symbolic Interactionalism :
تعتبر التفاعلية الرمزية واحدة من المحاور الأساسيةِ التي تعتمد عليها
النظرية الاجتماعية، في تحليل الأنساق الاجتماعية.
وهي تبدأ بمستوى الوحدات الصغرى (MICRO)، منطلقةً منها لفهم
الوحدات الكبرى، بمعنى أنها تبدأ بالأفراد وسلوكهم كمدخل لفهم النسق الاجتماعي(1).
فأفعالُ الأفراد تصبح ثابتةً لتشكل بنية من الأدوار؛ ويمكن النظر إلى هذه الأدوار
من حيث توقعات البشر بعضهم تجاه بعض من حيث المعاني والرموز(2). وهنا يصبح التركيز
إما على بُنى الأدوار والأنساق الاجتماعية، أو على سلوك الدور والفعل الاجتماعي.
ومع أنها ترى البنى الاجتماعية ضمنا،
باعتبارها بنى للأدوار بنفس طريقة بارسونز Parsons ، إلا أنها لا تُشغل نفسها بالتحليل على مستوى
الأنساق(3)، بقدر اهتمامها بالتفاعل الرمزي المتشكل عبر اللغة، والمعاني، والصور
الذهنية، استنادا إلى حقيقة مهمة، هي أن على الفرد أن يستوعب أدوار الآخرين.
إن أصحاب النظرية التفاعلية يبدأون
بدراستهم للنظام التعليمي من الفصل الدراسي (مكان حدوث الفعل الاجتماعي). فالعلاقة
في الفصل الدراسي والتلاميذ والمعلم، هي علاقة حاسمة؛ لأنه يمكن التفاوض حول
الحقيقة داخل الصف، إذ يدرك التلاميذ
حقيقةكونهم ماهرين أو أغبياء أو كسالى. وفي ضوء هذه المقولات يتفاعل التلاميذ
والمدرسون بعضهم مع بعض، حيث يحققون في النهاية نجاحا أو فشلا تعليميا(4).
أشهر ممثلي النظرية التفاعلية الرمزية:
1)
جورج هربرت ميد George H. Mead (1863-1931):
استطاع جورج ميد في محاضراته التي كان
يلقيها في جامعة شيكاغو، على طولِ الفترة من (1894-1931) أن يبلور على نحو متقن،
الأفكار الأساسية لهذه النظرية(5).
وقد جمع له تلاميذه كتابا بعد وفاته، يحتوي
على معظم أفكاره التي كانوا يدونوها في محاضراته، تحت عنوان: (Mind, Self and Society, 1934).
ويبدأ ميد بتحليل عملية الاتصال، وتصنيفها
إلى صنفين: الاتصال الرمزي، والاتصال غير الرمزي. فبالنسبة للاتصال الرمزي فإنه
يؤكد بوضوح على استخدام الأفكار والمفاهيم، وبذلك تكون اللغة ذات
أهمية بالنسبة لعملية الاتصال بين الناس في
المواقف المختلفة، وعليه فإن النظام الاجتماعي هو نتاج الأفعال التي يصنعها أفراد
المجتمع، ويشير ذلك إلى أن المعنى ليس مفروضا عليهم، وإنما هو موضوع خاضع للتفاوض
والتداول بين الأفراد(6).
2)
هربرت بلومر H. Blumer (1900-1986):
وهو يتفق مع جورج ميد في أن التفاعل الرمزي
هو السمة المميزة للتفاعل البشري، وأن تلك السمة الخاصة تنطوي على ترجمة رموز
وأحداث الأفراد وأفعالهم المتبادلة. وقد أوجز فرضياته في النقاط التالية(7):
•
إن البشر يتصرفون حيال الأشياء على أساس ما
تعنيه تلك الأشياء بالنسبة إليهم.
•
هذه المعاني هي نتاج للتفاعل الاجتماعي
الإنساني.
•
هذه المعاني تحوَّرُ وتعدّل، ويتم تداولها
عبر عمليات تأويل يستخدمها كل فرد في تعامله مع الإشارات التي يواجهها.
3) إرفنج جوفمان ErvingGoffman
(1922-1982):
وقد وجه اهتمامه لتطوير مدخل التفاعلية
الرمزية لتحليل الأنساق الاجتماعية، مؤكدا على أن التفاعل – وخاصة النمط المعياري
والأخلاقي- ما هو إلا الانطباع الذهني الإرادي الذي يتم في نطاق المواجهة، كما أن
المعلومات تسهم في تعريف الموقف، وتوضيح توقعات الدور(8).
4)
كما أن هناك عدداً كبيراً من العلماء الذين
لم تناقش أعمالهم بشكل واسع، مع أنهم من أعلام ومؤسسي النظرية التفاعلية الرمزية.
ومنهم:
•
روبرت بارك Robert Park، (1864-1944). ووليم إسحاق توماس W. I. Thomas، (1863-1947). وهما من مؤسسي النظرية.
•
مانفرد كون ManferdKuhn، (1911-1963). وهو عالم اجتماع أمريكي، ومن رواد مدرسة (آيوا) للتفاعلية الرمزية.
•
وكذلك كل من ميلتزر Meltzer، وهيرمان Herman، وجلاسر Glaser، وستراوس Sturauss، وغيرِهم.
مصطلحات النظرية:
1.
التفاعل Interaction: وهو سلسة متبادلة ومستمرة من الاتصالات بين فرد وفرد، أو فرد مع
جماعة، أو جماعة مع جماعة.
2.
المرونة Flexibility: ويقصد بها استطاعة الإنسان أن يتصرف في مجموعة ظروف بطريقة واحدة في
وقت واحد، وبطريقة مختلفة في وقت آخر، وبطريقة متباينة في فرصة ثالثة.
3.
الرموز Symbols: وهي مجموعة من الإشارات المصطنعة، يستخدمها الناس فيما بينهم لتسهيل
عملية التواصل، وهي سمة خاصة في الإنسان. وتشمل عند جورج ميد اللغة، وعند بلومر
المعاني، وعند جوفمان الانطباعات والصور الذهنية(9).
4.
الوعي الذاتي Self- Consciousness: وهو مقدرة الإنسان على تمثل الدور، فالتوقعات التي تكون لدى الآخرين
عن سلوكنا في ظروف معينة، هي بمثابة نصوص يجب أن نعيها حتى نمثلها، على حد تعبير
جوفمان(10).
ثانيا: النظرية المعرفية في علم الاجتماع
التربوي:
يعرف جورج غورفيتش علم اجتماع المعرفة على
أنه: دراسة الترابطات التي يمكن قيامها بين الأنواع المختلفة للمعرفة من جهة،
والأطر الاجتماعية من جهة ثانية(11). فعلم اجتماع المعرفة يركز على الترابطات
الوظيفية القائمة بين أنواع وأشكالِ المعرفة، بحد ذاتها، ثم بينها وبين الأطر
الاجتماعية، مما يكشف عن أن عصب المعرفة يكمن في وظائفها(12).
أما علم اجتماع المعرفة التربوي فيعرفه
يونج M. Young على أنه: المبادئ التي تقف خلف كيفية توزيع المعرفة التربوية
وتنظيمها، وكيفية انتقائها وإعطائِها قيمتها، ومعرفة ثقافة الحس العام، وكيف يمكن
ربطها بالمعرفة المقدمة في المدارس، واعتبارها المدخل الحقيقي للتعليم(13).
وبناء على ذلك يهتم علم اجتماع التربية
المعرفي بالبحث في الثقافات الفرعية داخل المجتمع، وعملية التنشئة الاجتماعية،
وأثر ذلك على قيم الطفل واتجاهاته، ومستوى تحصيله الأكاديمي واللغوي. ويهتم أيضا
بالبحث في طبيعة العلاقة المتبادلة بين التعليم والتغير الاجتماعي، وتحليل المدرسة
كمؤسسة تربوية، معتمدا في ذلك على استخدام الأسلوب السوسيولوجي الدقيق Micro –
SociologicalApproach(14).
مصطلحاتُ النظرية المعرفية:
1.
نظم المعرفة: ويعنى بها أن المعرفة
اجتماعية؛ لأن إنتاج المعرفة ليس عملا فرديا، وإنما هو عمل جماعي.
2.
توزيع المعرفة: تأخذ المعرفة أشكالا هرمية
تبعا لتدرجها في القيمة؛ لأن تميز بعض المعارف عن بعضها الآخر شرط ضروري لبعض
الجماعات، وذلك لكي يكتسب المنتفعون منهم أهمية وشرعية لمكانتهم الاجتماعية
العالية.
3.
الموضوعية والنسبية: إن المعيار الوحيد
للمعرفة هو تحسين الأوضاع الإنسانية، فالمعرفة القائمة على السياقات الاجتماعية
جاءت لحل مشكلة الإنسان(15).
4.
رأس المال الثقافي Cultural Capital: يعرفه بورديو على أنه: الدور الذي تلعبه الثقافة المسيطرة أو السائدة
في مجتمع ما، في إعادة إنتاج أو ترسيخ بنية التفاوت الطبقي السائد في ذلك المجتمع.
ومن أشهر ممثلي النظريةِ المعرفية:
1.
مايكل يونج M. Young:
الذي أَعلن مولد علم اجتماع المعرفة عام
1971، في كتابه: (علم اجتماع التربية الجديد). وهو يرى بأن علم اجتماع التربية
التقليدي كله باء بالفشل؛ لأن الباحثين أخذوا المشكلات مأخذ التسليم على أنها
مشكلات التربية الجديرة بالدراسة، من غير أن يحاولوا فحص قيمة تلك المشكلات نفسها،
لتبين أهميتها بالنسبة للتربية. فالمدخل الحقيقي للإصلاح هو خلق المواقف المشكلة،
وأن تضع المعرفة التربوية نفسها موضع الشك والتساؤل، فيتغير الجدل حول قضايا
التربية، وتتولد نظريات خصبة، وبحوث جديدة في مجال البرامج الدراسية(16).
2.
برونر J. Bruner:
الذي تزعم حركة العودة إلى الأساسيات Back – to Basic –
Movement. إثر محاولات إصلاح التعليم، بعد أزمة
سبوتنيك عام 1957م. وكان كتابه الشهير (العمليةالتربوية) The Process of Education. بمثابة إنجيل إصلاح المنهج في التعليم الابتدائي والثانوي.
ولب نظرية برونر هو الدعوة إلى تجديد
البنية الأساسية للتعليم، مع المحافظة على الحواجز بين كل مادة وأخرى. وهو يعتمد
على مسلمة مؤداها: أن كل الأنشطة العقلية في أي موقع من ميادين المعرفة هي واحدة،
مهما تضخمت المعرفة أو تقلصت(17).
3.
بيير بورديو:
إن المقولة الرئيسية التي بنى عليها بورديو
نظريته، هي أن الثقافة وسط يتم به، ومن خلاله عملية إعادة
إنتاج بنية التفاوت الطبقي. ويستند بورديو
في إثبات هذه المقولة وتحليلها إلى نظريتين، هما(18):
•
مفهوم رأس المال الثقافي TheCultural
Capital.
•
مفهوم الخصائص النفسية The Habitus.
فالثقافة عند بورديو تفرض مبادئ بناء
الواقع الاجتماعي الجديد، كما أنها –كأنساق رمزية- هي بمثابة رأس مال قابل للتحول
إلى رأس مال اقتصادي أو اجتماعي أو أي شكل آخر من رؤوس الأموال المختلفة(19).
4.
ومن ممثلي النظرية المعرفية في علم
الإجتماع التربوي كل من:
فلود Floud، وهالسي Halsey، ومارتن Martin.
تعقيب
إن النظرية التفاعلية الرمزية، لا تقدم
مفهوما شاملا للشخصية، فأصحاب النظرية وعلى رأسهم بلومر يقرون بأن هذه النظرية يجب
ألا تشغل نفسها بموضوع الشخصية كما ينشغل بها علم النفس. وهذا سبب واضح، ومبرر
جوهري على قلة الاستفادة من هذه النظرية في الميدان التربوي، على الرغم من وجود
بعض الأبحاث القليلة المنشورة هنا وهناك.
كما أن التفاعلية الرمزية أغفلت الجوانب
الواسعة للبنية الاجتماعية؛ لذلك نجدها لا تستطيع قول أي شئ عن ظواهر اجتماعية
كالقوة والصراع والتغير، وأن صياغتها النظرية مغرقة في الغموض، وأنها تقدم صورة
ناقصة عن الفرد.
أما فيما يتعلق بالنظرية الاجتماعية في علم
الاجتماع، فيمكن القول بأنها المجال السائد حاليا في علم الاجتماع التربوي، وقد
انفردت باسم: (علم الاجتماع التربوي الجديد)؛ لأنها جمعت بين أسلوب البحث الدقيق،
باستخدام أسلوب الملاحظة، والملاحظة بالمشاركة داخل الغرفة الصفية، وبين أسلوب
البحث الاجتماعي الواسع، الذي اشتمل على قضايا واسعةٍ كالقهر، والصراع، والتغير،
والحراك الاجتماعي، ودور التربية في ذلك.
ولعل الدراسة التي قامت بها نيل كيدي Nell Keddie. في إحدى المدارس الإنجليزية، بعنوان:
"معرفة الفصل المدرسي" من بين الدراسات القليلة التي أجريت في
إطار هذا الاهتمام بالمعرفة التي توجد لدى المعلمين حول تلاميذهم، ، وهي نموذج
لاهتمامات علم إجتماع التربية الجديد.
خاتمة :
يحظى الفكر التربوي باهتمام كبير، كونه
المنطلق الأساسي لتكريس قيم الأصالة في المجتمع والمرتكز الأهم في بناء مستقبل
يحقق استثمارا أمثل لمعطيات الحاضر، مجسدا من خلال ذلك تطلعات الفرد والمجتمع على
حد سواء، في إطار مشروع حضاري متكامل.
من هنا يبدو البحث في موضوع الفكر التربوي
، مرتبطا بالبحث في مضامين الفكر التربوي ، في ماضيه وحاضره، وفي اهتماماته
وتطلعاته، وفي أساليبه وأغراضه،فالمجتمع محتاج إلى التربية،وخاصة أن التربية تهدف
جملة ما تهدف إليه إلى تكييف الإنسان مع مجتمعه بما فيه من أنماط ثقافية وعادات
مختلفة،وذلك باستفادتها من النتائج التي توصل إليها علم الاجتماع التربوي وتسعى
إلى تطبيقها في الميدان، هذا الأخير الذي
يدرس الأنشطة التي تقام داخل المدرسة
ويرصد التفاعلات الاجتماعية والنفسية التي تتم داخل النسق التربوي في المؤسسة
التعليمية ، كما يعكس تأثيرات المجتمع على المدرسة والتلاميذ والمدرسين ورجال
الإدارة التربوية. و يعمل على تحليل أشكال الأنشطة التربوية، كأنشطة المدرسين
والتلاميذ والإداريين داخل المؤسسة المدرسية.
ويقوم بوصف طبيعة العلاقات والأنشطة التي تتم بينهم.
ولكن ما يتبادر للأذهان هو إلى أي حد يعمل
علم الإجتماع التربوي على كشف الواقع السوسيولوجي المعاش في علاقته التفاعلية مع
الواقع التربوي؟ خصوصا أمام اصطدامه مع ما
تشهده المجتمعات من تغير في بنيتها وثقافتها،فهل باستطاعته أن يكشف عن بعد سوسيولوجي جديد للوقائع والظواهر
الاجتماعية التي تحدث في عصرنا هذا؟ وهل نجح فعلا
علم الاجتماع التربوي في تشخيص الظواهر التربوية و معالجتها بالشكل الذي
يخدم مصلحة النشء ؟ أم صار مجرد أداة مسخرة في أيدي طيقة مسيطرة اقتصاديا تعمل على
إنتاج نفس الطبقات الرمزية، أي أن المدرسة تعمل على إعادة نفس قيم الطبقة الحاكمة
عن طريق تشريب أبناء الطبقات الدنيا نفس القيم الثقافية واللغوية للطبقة الحاكمة ؟
ومن هنا، فالفقراء لاينتجون عبر المؤسسة التعليمية سوى الطبقة البروليتارية، بينما
البورجوازيون لايكونون سوى ورثة السلطة والجاه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق